تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (الإنسان)

صفحة 107 - الجزء 1

  ولكنه لم يذكر القصة، والله الموفق.

  {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ٩} أي: نفعل ذلك الله ولوجهه وتقرباً إليه، ولا نطلب في ذلك ولا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً لا حمداً ولا ثناء {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ١٠} العبوس الشديد المعبس بوجهه في وجوه الناس لشدة بأسه وغضبه، والقمطرير فهو المتضاعف في الشدة، الذي ليس بعد شدته شدة قد تراكمت شدته بعض فوق بعض {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ١١} نجاهم من شر ذلك اليوم، ولقاهم أعطاهم نظرة بهجة وسرور أحسن الحال، وظهور النعمة والسرور في قلوبهم والنظرة في وجوههم، فهم في راحة وحبور {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ١٢} الجنة مسكن الأولياء التي فيها تلذ أنفسهم، وشهوات قلوبهم، والحرير من الجنة ملبوس أفضل من حرير الدنيا، و {بِمَا صَبَرُوا} أي: بسبب صبرهم وإيثارهم بما هم في حاجته كما قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}⁣[الحشر: ٩] فأعطاهم بستاناً فيه مأكل هنيء، وحريراً فيه ملبس بهي، {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ١٣} متكئين على الأرائك هي الأسرة لا يرون فيها شمساً، يعني: أن هواءها معتدل لا حر شمس تحمي ولا شدة برد تؤذي وفي الحديث هواؤها سجسج لا حر ولا قر، وقيل: إن هواؤها ضياء لا يحتاج إلى شمس ولا قمر {وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ١٤} ودانية الدنو هو القرب والغشيان، وإظلالها عليهم وهو ظلال الأشجار الدانية بالأثمار {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ١٤}⁣[الإنسان] والقطوف هي الثمار التي تقطع، والتذلل فهو الأدنى تدنو منهم، وتقرب لأخذها تذليلاً، أي: أدنيت أدناء وقرب تقريباً وهو توكيد {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ١٥} الطواف الدوران بالآنية، وهي آنية الشراب والطعام، يطاف عليهم بما فيها من الأطعمة والأشربة في كل ساعة، وأوان إكراماً لهم من الواحد المنان، والفضة البيضاء الخالصة المعروفة، والأكواب آنية الشراب قواريراً صافية، يرى ما فيها من خارجها {قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ١٦} أي: يقدرون أوقات الطواف بها، فيأتونهم بها وقت