تفسير سورة (الإنسان)
  حاجتهم إليها، وتقديراً حسناً بقدر الأوقات والفاعلين لهذا هم الخدم، وقدروا شرابها على قدر الري، ليكون على قدر حاجتهم ويكون الضمير للطائفين بها {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا ١٧}: أي: سلس الانحدار في الحلق وممزوجة بالزنجبيل، والسلاسة نقيض اللذعة ممزوج بالزنجبيل، أو يخلق الله ذلك فيها. وروي عن عليّ #، أنها كلمتين أي سل سبيلاً، أي: يعطاها من سأل والعين الماء الكثير فيها، أي في الجنة تسمى أي اسمها سلسبيلاً على الوجه الأول أنها كلمة واحده والزنجبيل في الدنيا، معروف، يتداوى به ويستعمل لتخفف ثقل الغذاء.
  {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ١٩} الولدان الوصفاء مخلدون لا يموتون، صفة أفضل صفة لأهل الجنة وهي الخلود، إذا رأيتهم يقول الرأي: إن هذا من كبار اللؤلؤ ودره منثور متفرق، شبهوا في صفاتهم وحسن ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم باللؤلؤ الرطب، لأنه إذا نثر من صدفه أحسن جمالاً ورونقاً {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ٢٠} إذا رأى راء وثم طرق، أي: في محل في الجنة يدرك ويرى نعيماً كبيراً، وملكاً كبيراً، ونعيماً كثيراً، وملكاً وهو ما أعطاهم من الممالك في دورهم ومنازلهم من الذهب والفضة، ومن أنواع الجواهر من الدر والياقوت، والنبات الكثيرة من كل نوع، ومطاعم ومشارب كثيراً واسعاً. يروى أن أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام، يرى أقصاه كأدناه {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ}، عاليهم أي ما يعلوهم من لباسهم وثيابهم والسندس من الحرير والديباج الأخضر، والاستبرق الحرير الأحمر، والله أعلم.
  {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} يعني: الولدان حليهم ولباسهم من فضة بيضاء نقية، أو أراد أي: أساورهم من فضة، وفي موضع آخر ذكر الأساور من ذهب وهو ممكن الجمع منهما جميعاً، ثم رجع إلى ذكر سادتهم {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا ٢١} الشراب الطهور ليس كشراب الدنيا في آنية ليست بنظيفة التي تعمل في