تفسير سورة (الجن)
  كَذِبًا ٥} وهو أنا كنا نظن أو كان في ظننا أن أحداً من الثقلين لن يكذب على الله حتى تبين لنا بالقرآن كذبهم وافتراء هم {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ٦} روي أن الرجل من العرب كان إذا أمسى في وادي قفر وخاف على نفسه، قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء، قومه يريد الجن، فإذا سمعوا بذلك استكبروا وقالوا: سدنا الجن والإنس {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ٦} بإغوائهم وأضلالهم والرهق غشيان المحارم، وذلك بسبب استعاذتهم بالجن فتركوا الاستعاذه بالله، فزادوهم، إثماً وبلا، {وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ٧} أي: وأن الجن ظنوا كما ظننتم يا مشركون أن لن يبعث الله أحداً، أو أن الإنس ظنوا كما ظننتم إذا كان الخطاب للجن {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ٨} لمسنا أي طلبنا بلوغ السماء واستماع كلام الملائكة فوجدناها ملئت حرساً موصوفين بالشدة وشهباً وهم الملائكة الذين يرمون بالشهب، ويمنعونهم من الاستماع {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ٩} كانت لهم مقاعد في السماء يسترقون ما يسمعون من كلام، الملائكة ثم منعوا من ذلك ورموا بالشهب أي: من يريد ذلك رمي بالشهب، ورصداً مثل الحرس، راصدين متربصين لمن جاء منهم، فيقذفونه بالشهب عندما يكون من مداناته، و {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ١٠}: قالوا فلا يخلوا هذا وهو منعهم من الشهب، وما شاهدوا من الآفات من أن يكون قد أراد بهم ربهم رشداً أي: خيراً إما من عذاب أو من رحمة، أو من خذلان أو توفيق، قال بعضهم إنه حدث منعهم بعد مبعث رسول الله ÷، وهو أحد آياته، قال في الكشاف: والصحيح أنه كان قبل البعث، وقد جاء في أشعار بعض الجاهلية ولكن كانت الشياطين تسترق في بعض الأحوال، فلما بعث رسول الله ÷ كثر الرجم وزاد زيادة ظاهرة، حتى تنبه لها الإنس والجن، وقالوا لما حدث هذا ما هذا: إلا لأمر أراده الله بأهل الأرض {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ١١} {مِنَّا الصَّالِحُونَ} أي: الأبرار {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}، أي ومنا قوم دون ذلك،