تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (الحاقة)

صفحة 140 - الجزء 1

  وَاهِيَةٌ ١٦} مسترخيه، ساقطة القوة جداً بعد ما كانت محكمة مستمسكة {وَالْمَلَكُ} والمراد الملائكة {عَلَى أَرْجَائِهَا} على جوانبها {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ١٧} أي يقوم به ويأمر وينهى بأمر الله ونهيه، والعرش هو الملك وهو جميع ما خلق الله، في الدنيا والآخرة، ومعنى فوقهم أي: منهم.

  يوم القيامة وثمانية قيل: يمكن والله أعلم أن يكونوا ثمانية آلاف أو ثمانية أصناف من الملائكة المقربين ينفذون أمر رب العالمين في ذلك اليوم، وحملهم هو قيامهم فيه بأمر الله وإنفاذهم لحكمه، ومجازاتهم لخلقه بأمره.

  {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ١٨} لا تحاسبون والعرض والإطلاع على أعمال الخلق، وذلك عبارة عن المحاسبة، ولا يخفى من أعمالهم شيء، ولا يغيب منكم أحد {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}، أما للتفصيل كأنه قال: ينقسم الخلق إلى قسمين الأول من أوتي كتابه بيمينه {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩} ومعنى {هَاؤُمُ} أي: خذوا، والهاء للسكت، وكذا في الأربع الآيات، والوقف على كل واحده أفضل وهي كتابيه، حسابيه، وماليه، وسلطانيه لثبوت هاء السكت.

  وفي المصابيح: فالكتاب هو الحساب وما أحصاه عليه ملكاه، وأوتي أوقف وبين له أمره وأظهر عليه فيه سره ويمينه فهو اليمن والبركة لما يلقى من البشارات.

  {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩} يقول لما يحاسبه من الملائكة، أي: فسروا حسابيه واشرحوا استبشاراً منه بذلك {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي} أي إني أيقنت بالدنيا أني سألاقي عملي، {مُلَاقٍ} معاين {حِسَابِيَهْ ٢٠} أي: المناقشة على أفعالي {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٢١} أي: في الحياة الرضية، والنسبة إلى الرضاء من المجاز العقلي، أي راض صاحب العيشة، وفسر ذلك بقوله: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ٢٢} أي: رفيعة القدر، أو الدرجات أو المباني أو القصور، {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ٢٣} أي ثمارها قريبه لانتوالها للقاعد والقائم {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} سليماً من كل آفة بل هنيء مساغ، لا مخالفة