تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (القلم)

صفحة 144 - الجزء 1

  العيان، وغير ذلك {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ٦} أي: أنت أم، هم، وهو تعريض بأبي جهل بن هشام، وللوليد ابن المغيرة واضرابهما الذين كانوا يقولون بأنك مجنون {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ}، أي: بالمجانبين على الحقيقة، وهم الضالون عن سبيل الله {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ٧} الثابتين على سبيله وطريقته {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ٨} فلا تسمع لقولهم، ولا تركن عليهم ولا تخف وعيدهم، وقيل لا تطعهم في قولهم، الذي يقولون، به وهو أنهم أرادوا أن يعبدوا الله مدة، وآلهتهم مدة ليكفوا عنه غوائلهم {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} أي: تصانعهم في شيء فيصانعونك، {فَيُدْهِنُونَ ٩} أي: فهم يدهنون ولذا رفع وهو في جواب التمني، لأنه على الاستئناف، تأمل.

  {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠} أي: كثير الحلف في الحق والباطل، وفيه إشارة وزجر عن كثرة الحلف كقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٤]، كذا في الكشاف {مَهِينٍ ١٠} من المهانة، وهي الحقارة والذلة، أو أراد الكذاب لأنه مهين عند الناس {هَمَّازٍ} عياب طعان، يؤذي الناس بلسانه {مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١} نقال للحديث من قوم إلى قوم، ليلقي سم العداوة والإفساد، بنقل السر ونحوه قصداً للإفساد {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ} بخيل والخير هو المال قيل هو الوليد بن المغيرة المخزومي، كان مؤسراً، وله عشرة أولاد، وكان يمنعهم من الإسلام ويتهددهم بمنع رفده لمن أسلم وقيل هو أبو جهل، وقيل الأسود بن عبد يغوث، {مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ١٢} مجاوز في الظلم حده وكثير الأنام، {عُتُلٍّ}، غليظ جاف سيء الخلق والأفعال، {بَعْدَ ذَلِكَ} أي مع ذلك فهو {زَنِيمٍ ١٣}، وهو الدعي ولد، زنا، قيل: إن الوليد كان دعيا في قريش إدعاه أبوه وقيل بغت أمه ولم يعرف حتى نزلت الآية فعرف أنها نطفة خبيثة {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ١٤} متعلق بقوله: {وَلَا تُطِعْ} يعني لا تطعه إن كان ذا مال مع هذه الخصال، التي فيه {وَبَنِينَ ١٤}، أي: وإن كان صاحب مال وبنين {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا} أَي: إذا قرئ عليه القرآن: {قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ١٥} أي: أحاديث الأولين الأقاويل