تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (القلم)

صفحة 145 - الجزء 1

  للمكذبين، {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ١٦} الوجه أكرم شيء في الجسد، ولذلك، جعلوه مكان العزه والحمية، واستقوا منه الأنفة، يقال شمخ بأنفه، وحمى أنفه، وفي الذليل جدع أنفه، ورغم أنفه، فعبر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال والإهانة، لأن السمة بالوجه شين، وفي لفظ الخرطوم استخفاف وإهانة، وقيل: سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} أي: أهل مكة بالقحط والجوع، بدعوة رسول ÷ عليهم. {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} وهم قوم من أهل الصلاة، كانت لأبيهم، وهي قريبة من صنعاء، نحو فرسخين، فكان يأخذ منها قوت سنتين، ويتصدق بالباقي وكان يترك للمساكين. ما أخطأه المنجل، وما في أسفل الأكداس، وما أخطأه القطاف من العنب، وما بقي على البساط، الذي يبسط تحت النخلة إذا صرمت فكان يجتمع لهم كثير، فلما مات قال بنوه: إن فعلنا مثل أبينا ضاق علينا الأمر، لأنا ذو عيال {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ١٧} داخلين في الصبح أي مبكرين {وَلَا يَسْتَثْنُونَ ١٨} ولا يقولون: إن شاء الله، {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ}، أي: هلاك من ربك {وَهُمْ نَائِمُونَ ١٩ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ٢٠} أي مصرومة، هالك ثمرها، والصرم القطع، أي مقطوع ثمرها وقيل: الصريم الليل أي: احترقت فسودت وقيل النهار، أي: يبست وذهبت، خضرتها، {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ٢١}، أي: تداعوا في الصباح الباكر، {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ} أي مكان الحرث، {إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ٢٢} أي حاصدين، {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ٢٣}: أي: مضوا وهم يتشاورون بالخفية، ويتناجون، {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ٢٤} أي: لا يصلون إليكم، لكي لا يعطيهم شيئاً {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ} أي على منع أي عزموا على أن يحرموا المساكين من العطاء {قَادِرِينَ ٢٥} أي: وهم قادرون، على نفعهم، فغدوا بحال فقر وذهاب مال، أي أنهم طلبوا حرمان المساكين، فتعجلوا الحرمان، أو لما خبثت نيتهم، عاقبهم الله بأن حاردت جنتهم، وحرموا خيرها، (فلم يغدوا على حرث) وإنما غدوا على حرمان، {فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ٢٦} أي غالطون، لما رأوها هالكة محروقة قالوا هذه ليست، جنتنا فلما تثبتوا وعرفوا حدودها، قالوا {بَلْ نَحْنُ