تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (الملك)

صفحة 152 - الجزء 1

  سقف الدار التي اجتمعتم فيها بمصابيح عظيمة لأجل التنكير لإبرازها، وليس مثلها إضاءة وفيها منافع أخرى {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} أعدائكم الذين يخرجونكم من النور إلى الظلمات علامات ويهتدون بها في ظلمات البر والبحر، قيل: جعل الله النجوم لثلاث زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يهتدى بها والرجوم جمع رجم، ومعنى كونها مراجم للشياطين أن الشهب التي تنقض لرمي المسترقة منهم منفصلة من نار الكواكب، لا أنهم يرجمون بالكواكب نفسها لأنها قارة في الفلك على حالها، وما ذلك إلا كقبس يؤخذ من نار والنار ثابتة مكانها كاملة لا تنقص، قيل: إن من الشياطين المرجومه من يقتله الشهاب ومنهم من يخبله.

  {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ٥} أي: في الآخرة بعد عذاب الإحراق بالشهب.

  {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ} أي: ولكل من كفر بالله من الشياطين وغيرهم {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٦ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا} أي إذا طرحوا فيها وصاروا حصب جهنم كما قال تعالى: {سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} إما لأهلها بعد طرحهم فيها أو من أنفسهم لقوله: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ١٠٦}⁣[هود] وأما للنار تشبيها لحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق الذي سامعه ما يسمعه من حنينه {وَهِيَ تَفُورُ ٧} أي: تغلي بهم غليان المرجل ترفعهم تارة وتحفضهم أخرى {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} تميز أي تتقطع، قطعا من الغيض على من عصى الله، ثم جعلت كالمغتاظة لشدة غليانها بهم وسرعة إحراقها لما يقع فيها، وذلك تشبيهاً بالمتغير الغضبان، الذي قد داخله من الغيض أمر كبير {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} أي طرح فيها جماعة كبيرة، لأن من الفوج يطلق على الجماعة الكثيرة {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} أي: سألتهم الخزنة، من الملائكة الذين وكلوا بتعذيبهم، ويقال لهم الزبانية {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ٨} أي ألم يأتكم من ينذركم، ويخوفكم هذا العذاب {قَالُوا بَلَى} أي: أقروا اعترافاً منهم، بعدل الله وأن الله أزاح عنهم بأن بعث إليهم رسولاً يحذرهم وينذرهم {قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} إقرار واضح على أنهم في ظلال مبين {إِنْ أَنْتُمْ