تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة الفاتحة

صفحة 8 - الجزء 1

  والندب في مواضع أخرى، وورد فيها أن الابتداء بها، تحصل البركة. وورد «كل أمر ذي بال لا يبتدأ فيه باسم الله فهو أبتر» وغير ذلك.

  {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢} الحمد هو الوصف الجميل، وضع مقابل جميل اختياري، وهي النعم والحمد يشمل الشكر وقيل: إن الشكر، لا يحصل إلا بثلاثة وهو:

  [باللسان، والجنان، والأركان] كما قال الشاعر:

  أفادتكم النعماء مني ثلاثة ... يدي ولساني والضمير المحجبا

  وقد قيل: إن الحمد أخص مورداً، وأعم متعلقاً، لأنه يقع على النعم وغيرها، والشكر أعم مورداً، وأخص متعلقاً، لأنه بالثلاثة المذكورة، ولا يقع إلا على النعم {رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢} الرب هو المالك العظيم، ويطلق على غير الله كما يقال: رب الدار وهو المالك لجميع المخلوقات الذي ليس فوق ملكه شيء، ولذا قيل: {رَبِّ الْعَالَمِينَ ٢} * والعالمين هو الثقلان وكل المخلوقات، والعالمين جمع عالم جمع لفظي فقط، لأن العالم والعالمين معناهما واحد، كذا نص عليه الإمام أحمد بن سليمان وغيره، وقيل: إن لله عوالم كثيرة والله أعلم.

  {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ٣} تقدم تفسيرها قال في المصابيح: الرحمن هو ذو العفو والمن والإحسان.

  و {الرَّحِيمِ ٣} فهو العفو عن الذنب العظيم، والناهي عن الظلم، والفساد، لما في ذلك من رحمته للعباد.

  {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤} أي يوم الجزاء. وسمي يوم الدين؛ لأنه يقع فيه المداينة وهي المناصفة والمجازاة، ويدان الناس بأعمالهم، أي: يجازون وهو المالك لذلك اليوم لا غيره ينادي لمن الملك اليوم الله الواحد القهار {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي: لا نعبد غيرك، وتقدم المعمول وهو إياك دليل على ذلك؛ لأن