تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة الفاتحة

صفحة 9 - الجزء 1

  تقديم المعمول يفيد الاختصاص، وهو أنه لا يستحق العبادة إلا هو، وهو الأهل لأن يعبد {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥} أي: لا نستعين إلا بك، وهو كذلك لتقديم المعمول، أي نستعين به فيجب على العبد أن يعرف ذلك، وأنه لا يستحق العبادة إلا الله الواحد القهار، ولا يستعان في المهمات إلا به جل وعلا، فلا يستعان في جميع أعمالنا إلا به، ولا عون إلا منه، ولا حول ولا قوة إلا به.

  {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦} ثم نتوجه إلى الله بالدعاء على الهداية إلى طريق الحق. والهداية [التنوير والتبيين]، والصراط المستقيم، صراط الحق المشار إليه في قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} الآيات وفي مفهومها أن هناك طرق غير مستقيمة، والمستقيم الذي ارتضاه الله لخلقه، وقد ذكر أن الطريق المستقيم هي طريقة آل محمد، وعلى ذلك أدلة كثيرة لا يمكن إيرادها، هاهنا والأمر واضح، ووصف الله ذلك الطريق بقوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} أي: الذين هديتهم، وهم الصالحون من عبادك {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} أي: الذين قد غضبت عليهم لسلوكهم طريق الغواية والضلال {وَلَا الضَّالِّينَ ٧} الذين سلكوا طريق الضلال، وقد قيل: إن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى، وليس بعيد لأن ذلك أخذ من القرآن لقوله تعالى في اليهود: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} وفي النصارى قوله تعالى: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا} ولا قوة إلا بالله.