تفسير سورة (سبح)
  العظيمة كثير جداً. {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ٤} أي: أنبته رزقاً للأنعام، فجعله أحوى، أي أسود من شدة الخضرة، وقيل: يابساً لأنه إذا يبس يسود، والأول أولى {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ٦} أعطاه الله فهماً، حينما كان جبريل يقرأ عليه وهو أمي لا يقرأ، ولا يكتب، فيحفظ ما يملى عليه ولا ينساه، فقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} قيل: الذي يرفع حكمه وتلاوته عن طريقة النسخ، وقيل: إلا ما شاء الله، فتذكره بعد النسيان وهو القلة، وقيل: إنها في معنى النفي، والغرض نفي النسيان، وهو من استعمال القلة في معنى النفي {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ٧} أي: يعلم ما يجهرون من العلانية في الأعمال، وما تسرونه، يعلم ما ظهر وما بطن من أحوالكم، وما هو مصلحة لكم وما هو مفسده {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ٨} والله يوفقك للطريقة التي هي أسهل وأيسر، وقيل: للشريعة السمحة التي هي أيسر الشرائع وأسهلها {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ٩ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ١٠} أمره الله بالوعظ والتذكير، وستحصل الفائدة من ذلك وهو أنه سيذكر ويقبل الذكرى، وهو من يخشى من يخاف من أمر الله، مصدقاً بوعده ووعيده ويخشى سوء العاقبة فينظر ويفكر حتى ينقاد للحق {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ١١ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ١٢} أي: الكافر الذي بلغ في الشقوة، والإعراض عن الله مبلغاً عظيماً لتوغله في عداوة رسول الله ÷، قيل: نزلت في الوليد بن المغيرة، وعتبة بن ربيعة والنار الكبرى، قيل: أسفل درجة في جهنم، وقيل: الكبرى هي نار جهنم والصغرى نار الدنيا {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ١٣} أي: لا يموت فيستريح، ولا يحيى حياة تنفعه، ومثله قوله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا}[فاطر: ٣٦] {أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ١٤ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ١٥} أي: تطهر من الشرك والمعاصي، وزكي نفسه بالتطهر للصلاة وإقامتها حق القيام، وكثر من التقوى والصدقات، وأكثر من ذكر الله تعالى في ليله ونهاره وقيل: ذكر اسم ربه أي: كبر فصلى وبذلك يستدلون على أن تكبيرة الإحرام ليست من الصلاة، لأنه قال: فصلى فعطف الصلاة بعد التكبيرة، أي: تكبيرة الإحرام.