تفسير سورة طارق
  نجم» فعجب أبو طالب فنزلت، أفاد هذا في الكشاف وجواب القسم قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ٤}: أي: كل نفس عليها حافظ يحفظها بحفظ أعمالها ومهيمن عليها ورقيب وهو الله ø {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ٥٢}[الأحزاب] و {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا ٨٥}[النساء] وقيل: إنها الحفظة الذين يحصون عمله ويكتبون ما يعمل من خير وشر، كقوله تعالى: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ١٨}[ق] وقد روي أن الله وكل بالمؤمن مائة وستون ملكاً يحفظونه من الشياطين، ولولاهم لاختطفته الشياطين.
  ثم نبه سبحانه على ما يقتضي التفكير في خلق الإنسان، فقال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ٥ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ٦} هذا استفهام جوابه {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ٦} والدفق الصب بسرعة وهو الماء المهين، وفي هذا أعظم عبرة حينما ينظر الإنسان أصله، ومما خلق {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ١٤}، ثم قال جل وعلا: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ٧} الصلب ظهر الرجل والترائب صدرها، وقيل: يخلق من ماء الرجل العظم والعصب، ومن المرأة اللحم والدم، والله أعلم. {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ٨} أي أنه أي الله على رجعه لقادر، أي إذا نظر الإنسان في ابتداء خلقه ونشأته، ولا شك أنه يقطع بقدرة الإعادة لمن خلقه ماء من مهين، وهذا تنبيه من الله جل وعلا ونعمه وتفضل ورحمة لينظر الإنسان ويؤمن بالله وقدرته، ثم قال جل وعلا: إن في يوم القيامه اختبار وابتلاء، فقال: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ٩ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ١٠} تبلى بكشف السرائر وتعرف، ويقع التمييز بين الأعمال ما طاب منها وما خبث {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ١٠} لا ناصر ينصره، ولا مانع يمنعه، ولا شافع ينفعه، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ ١١ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ ١٢} هذا قسم آخر، والرجع في السماء قيل: دوران الفلك ذاهباً وراجعاً وقيل غير ذلك، والصدع التصدع وهو الانشقاق، فقيل: إن الأرض تتصدع بالنبات، أي: تتشق أو أنها تصدع بالزلازل، أو أن ذلك في مواضع من الأرض لا تظهر، وقد قيل: إن في