مقدمات البيعة وكيفيتها
  فمن الرواة من قال: كان زيد بن علي إذ ذاك في الرصافة فبعث إليه هشام بن عبد الملك وهو بالشام.
  ومنهم من قال: كتب هشام إلى واليه على المدينة إبراهيم بن هشام المخزومي، وهو بعث بهم إلى هشام بن عبد الملك.
  ثم إن هشاماً بعث بهم إلى يوسف بن عمر ليجمع بينهم وبين خالد القسري، ثم لما وصلوا إليه جمع بينهم وبين القسري، ثم أنكر القسري ما ادعى عليهم شيئاً، فعذبه يوسف، ثم استحلفهم بعد صلاة العصر ما لخالد قبلهم قليلاً ولا كثيراً، ثم خلى سبيلهم. فهذا اختصار القصة التي رواها المؤرخون على اختلافهم في عدد الاشخاص المدعى عليهم وفي سبب ادعاء خالد القسري عليهم ما ادعى، وهي تلفيقات واهية الغرض منها واضح.
  وكان الإمام زيد كارهاً للخروج من المدينة المنورة، كما روي عن أبي عامر البناني واعظ أهل الحجاز، قال: سمعت زيد بن علي # قبل أن يخرج من الحجاز إلى الشام وهو في مسجد رسول الله ÷، وقد أتاه قوم من بني هاشم وغيرهم يودعونه ويدعون له، فقال زيد: (إنه والله ما من مدينة هي أحب إلي من مدينة تضمنت جسد جدي رسول الله ÷، وما كنت أحب أن أفارقه وقتاً واحداً، ولكنه سلطان طاغية، وجبار عنيد، ولا عون لي عليه، ولا مانع لي منه إلا الله رب العالمين)، ثم دعا # بدعاء مذكور في ضمن أدعيته #، وصلى جنب القبر وسلم عليه وودعه، ثم خرج وعيناه تذرفان بالدموع.