إعلام ذي الكياسة ببعض أنباء صاحب الكناسة،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

مقدمات البيعة وكيفيتها

صفحة 52 - الجزء 1

  هو كائن، حتى حملوهم على تفريق الجماعة على حال استخفوهم فيها إلى الخروج، وقد قدم زيد بن علي على أمير المؤمنين في خصومة عمر بن الوليد ففصل بينهما، ورأى رجلاً جَدِلَاً لَسِنَاً، خليقاً بتمويه الكلام وصوغه، واجترار الرجال بحلاوة لسانه، وبكثرة مخارجه في حججه، وما يدلي به عند لدد الخصام من السطوة على الخصم بالقوة الحادة لنيل الفلج، فعجل إشخاصه إلى الحجاز، ولا تخله والمقام قبلك، فإنه إن أعاره القوم أسماعهم فحشاه من لين لفظه، وحلاوة منطقه، مع ما يدلي به من القرابة برسول الله ÷ - وجدهم ميلاً إليه ... إلى آخر الكتاب فهو طويل).

  مع ما كان يبلغه من اختلاف الشيعة إليه، فجعل يوسف بن عمر يستحثه على الخروج، وزيد # يعتل بأعذار، فلما رأى زيد # جد يوسف في إخراجه تهيأ للخروج والرجوع إلى المدينة، فشخص حتى بلغ القادسية، فلحقه جماعة من أهل الكوفة، وقالوا له: أين تذهب عنا ومعك مائة ألف رجل من أهل الكوفة والبصرة وخراسان يضربون بني مروان دونك بأسيافهم غداً، وليس قبلك من أهل الشام إلا عدة يسيرة، فأبى عليهم فلم يزالوا يناشدونه حتى ردوه إلى الكوفة بعد أن أعطوه العهود والمواثيق، فرجع إلى الكوفة متخفياً فبقي بها أشهراً.

  قيل: إنه بقي أحد عشر شهراً، وهو مشغول بأخذ البيعة وبث الدعاة في الافاق، فأقبلت إليه الشيعة وغيرهم، يختلفون إليه ويبايعونه حتى أحصى ديوانه خمسة عشر ألف رجل من أهل الكوفة خاصة سوى أهل المدائن والبصرة والموصل وخراسان والري وجرجان.