إعلام ذي الكياسة ببعض أنباء صاحب الكناسة،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

منهجية الإمام زيد # في قيامه وجهاده

صفحة 63 - الجزء 1

  فتفكروا عباد الله، واعتبروا وانظروا وتدبروا وازدجروا بما وعظ الله به هذه الأمة، من سوء ثنائه على الأحبار والرهبان إذ يقول {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ٦٣}⁣[المائدة]، وإنما عاب ذلك عليهم، بأنهم كانوا يشاهدون الظَّلمة الذين كانوا بين ظهرانيهم يأمرون بالمنكر، ويعملون الفساد، فلا ينهونهم عن ذلك، ويرون حق الله مضيعاً، ومال الله دولة يؤكل بينهم ظلماً، ودولة بين الأغنياء، فلا يمنعون من ذلك رغبة [أي زهداً] في ما عند الله، ورغبة [أي طلباً] فيما عندهم من العرض الآفل، والمنزل الزايل، ومداهنة منهم على أنفسهم، وقد قال ø لكم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٣٤}⁣[التوبة]، كيما تحذروا، وإذا رأيتم العَالِم بهذه الحالة والمنزلة، منزلة من عاث في أموال الناس بالمصانعة والمداهنة، والمضارعة لظلمة أهل زمانهم، وأكابر قومهم، فلم ينهوهم عن منكر فعلوه رغبة فيما كانوا ينالون من السحت بالسكوت عنهم، وكان صدودهم عن سبيل الله رغبة في الإتباع لهم، والاغترار بإدهانهم، ومعاونتهم الجائرين الظالمين المفسدين في البلاد وذلك بأن أتباع العلماء يختارون لأنفسهم ما اختار علمائهم. إلى قوله #:

  (فإنما تصلح الأمور على أيدي العلماء وتفسد بهم إذا باعوا أمر الله ونهيه بمعاونة الظالمين الجائرين، فكذلك الجهال والسفهاء إذا كانت الأمور بأيديهم لم يستطيعوا إلا بالجهل والسفه إقامتها، فحينئذ تصرخ المواريث، وتضج الأحكام، ويفتضح المسلمون، وأنتم أيها العلماء عصابة مشهورة، وبالورع