فصل في الكلام في الألوان والطعوم والروائح
  دليل عليه. فنقول: هل حجّة اللّه علينا الدّليل أو المدلول عليه؟ فإن قالوا: الحجّة المدلول عليه. قلنا: فلم ينزّل اللّه على زعمكم حجّة، إذ قلتم(١): القرآن لا يفارق قلب الملك؟
  وإن قالوا: الحجّة الدليل. قلنا: فقد وجدنا(٢) فيه ما يدل عليه أنه هو القرآن؛ من ذلك قول اللّه تعالى: {وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}[الفرقان: ٣٠]، وقال اللّه تعالى: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[النمل: ٧٦]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ}[الزمر: ٤١]، وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ}[الزمر: ٢٣]، وقال تعالى: {كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ}[ص: ٢٩]، وقال تعالى: {أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها}[محمد: ٢٤]، وقال تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ}[محمد: ٢٠].
  وأيضا فإن الكفار جحدوا نزول القرآن، وقد حكى اللّه قولهم، فقال تعالى: {قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ}[يس: ١٥]، وقال تعالى حاكيا قول الوليد: {ثُمَّ نَظَرَ ٢١ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ٢٢ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ٢٣ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ٢٤ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ
(١) في (ش): إذا قلتم.
(٢) في (س، ل): قلنا قد وجدنا.