حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الإرادة

صفحة 205 - الجزء 1

  وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ٨٢}⁣[الكهف: ٦٤ - ٨٢]، فكان هذه الفعال مما دقّ⁣(⁣١) على موسى # ولم يعلمه حتّى أعلمه الخضر # بتأويله.

  وكذلك فعل يوسف # جعل السّقاية في رحل أخيه، ثم أذّن مؤذن: أيتها العير إنكم لسارقون. وهم لم يسرقوا الصّواع، وإنما سرقوا يوسف # وألقوه في الجبّ، وقد قيل: إنهم أيضا هم الذين باعوه بالدراهم المعدودة، وذلك أنه لمّا عرّس السّفر⁣(⁣٢) عند البئر، فأتى رجل منهم يرد الماء⁣(⁣٣)، فأطلعه من البئر، وكان إخوة يوسف في جبل قريبا منهم⁣(⁣٤)، فلما رأوهم أقبلوا إليهم وقالوا: هو عبد، فباعوه إلى السّفر بثمن بخس - كما قال اللّه تعالى - فكان فعال يوسف # ذلك من أمر الصّواع مما دقّ على الناس.

  وكذلك فعل طالوت حيث بعثه النبيء شمؤول، حيث مرّ على النهر فقال: من شرب منه فليس منّي، ومن لم يطعمه فإنه مني؛ ولأنه لمّا خرج لجالوت وكثر جنده - وكان منهم الصادق والمنافق - فخشي أن يتواكنوا ويفشلوا⁣(⁣٥) ويتنازعوا في الأمر فينكسروا، فينكسر⁣(⁣٦) ولا يبلغون في عدوهم مبلغا، فأراد أن يتميّز بعضهم من بعض


(١) في (ص، ع): مما يدق.

(٢) في نسخة: لما عرّض السّفر.

(٣) في (ش): يريد الماء.

(٤) في (ي): قريب منهم.

(٥) في (ع): أن يتراكنوا ويفشلوا.

(٦) في (ث): فيكسر.