فصل في الكلام في الإرادة
  وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ٨٢}[الكهف: ٦٤ - ٨٢]، فكان هذه الفعال مما دقّ(١) على موسى # ولم يعلمه حتّى أعلمه الخضر # بتأويله.
  وكذلك فعل يوسف # جعل السّقاية في رحل أخيه، ثم أذّن مؤذن: أيتها العير إنكم لسارقون. وهم لم يسرقوا الصّواع، وإنما سرقوا يوسف # وألقوه في الجبّ، وقد قيل: إنهم أيضا هم الذين باعوه بالدراهم المعدودة، وذلك أنه لمّا عرّس السّفر(٢) عند البئر، فأتى رجل منهم يرد الماء(٣)، فأطلعه من البئر، وكان إخوة يوسف في جبل قريبا منهم(٤)، فلما رأوهم أقبلوا إليهم وقالوا: هو عبد، فباعوه إلى السّفر بثمن بخس - كما قال اللّه تعالى - فكان فعال يوسف # ذلك من أمر الصّواع مما دقّ على الناس.
  وكذلك فعل طالوت حيث بعثه النبيء شمؤول، حيث مرّ على النهر فقال: من شرب منه فليس منّي، ومن لم يطعمه فإنه مني؛ ولأنه لمّا خرج لجالوت وكثر جنده - وكان منهم الصادق والمنافق - فخشي أن يتواكنوا ويفشلوا(٥) ويتنازعوا في الأمر فينكسروا، فينكسر(٦) ولا يبلغون في عدوهم مبلغا، فأراد أن يتميّز بعضهم من بعض
(١) في (ص، ع): مما يدق.
(٢) في نسخة: لما عرّض السّفر.
(٣) في (ش): يريد الماء.
(٤) في (ي): قريب منهم.
(٥) في (ع): أن يتراكنوا ويفشلوا.
(٦) في (ث): فيكسر.