حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في واجبات اللسان

صفحة 283 - الجزء 1

  على المعلّم مشقّة كبيرة⁣(⁣١).

  ومما يجب باللسان: مناظرة المخالفين؛ روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «لمقام أحدكم في الدنيا يتكلّم بكلمة يردّ بها باطلا أو يحيي بها حقّا أفضل من هجرة معي».

  فهذه واجبات اللسان؛ وما كان من جنسها مما ورد به الكتاب والسنة، وفيهما⁣(⁣٢) بيان واجبات اللسان، وما يستحبّ وما يكره وما يحرم.

  ومما يحرم النطق به: القول بالجحدان، والكفر، والشرك، قال اللّه تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ}⁣[الفرقان: ٦٨]، وقال تعالى: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}⁣[الذاريات: ٥٠]، وقال اللّه تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}⁣[الذاريات: ٥١].

  ومما يحرم النطق به: الاستخفاف بحقّ اللّه وملائكته، ومثل النطق بالإثم والعدوان، ولعلّ الناطق بالإثم يكره أن يسمعه النّاس، ويسرّه منهم⁣(⁣٣) أو من بعضهم استحياء لهم ورهبة منهم، ولا يستحيي من ربه وملائكته، ولا يرهب ربه، فهل يكون إثم مثل هذا؟! وقد قال اللّه تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ}⁣[النساء: ١٠٨]. وروي عن بعض الصالحين أنه رأى رجلا يتكلم فيما لا يعنيه فقال: يا هذا إنما تملي على حافظيك كتابا إلى ربّك.


(١) في (ع): مشقة كثيرة.

(٢) في (ش): وفيها.

(٣) في (ع): يكره ويسوؤه، وينزه منهم. وفي (ش): ويروه منه.