حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في فضائل القرآن

صفحة 384 - الجزء 1

  لِكَلِماتِ رَبِّي}⁣[الكهف: ١٠٩]، وقال تعالى: {إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}⁣[آل عمران: ٤٥].

  فصحّ أن الكلمة هاهنا هي عيسى بن مريم #، وهو نعمة، ورحمة من اللّه تعالى لمن آمن به وبما جاء به، والكلمات أيضا هي العلم والنعمة والرحمة، فصحّ أن كلام اللّه خلقه وفعله.

  ومن ذكر فضائل القرآن [قوله تعالى]: {هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}⁣[الجاثية: ٢٠]، وقول اللّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ٤١ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ...} إلى قوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ}⁣[فصلت: ٤١ - ٤٤]، وقوله تعالى:

  {حم ١ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ٢ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ٣ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}⁣[فصلت: ١ - ٤]، وقال تعالى:

  {حم ١ وَالْكِتابِ الْمُبِينِ ٢ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ٣ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}⁣[الزخرف: ١ - ٤]، وقال تعالى: {حم ١ وَالْكِتابِ الْمُبِينِ ٢ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ٣ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ٤ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ٥ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}⁣[الدخان: ١ - ٦].

  وقول اللّه تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ} يدلّ على أنه خلقه في قلب الملك الأعلى جملة واحدة، ثم أنزله على نبيئه ÷ مفصّلا شيئا بعد شيء، وذلك مجمع عليه، فسمّاه اللّه نورا وهدى وذكرا، وحكمة وموعظة، وبيانا ورحمة، ونعمة وشفاء، وبصائر وفرقانا.

  ومعنى اسم الفرقان: أنه البيان الذي يفرق بين الحق والباطل،