الوجه الثالث: في ذكر من بلغنا أنه انتقد على البخاري ومسلم
  الضعفاء، وقد ثبت أن البخاري ومسلماً رويا عن الضعفاء وغيرهم، ومن اعتذر لهما بأنهما لم يرويا عنهم إلا وقد ثبت لهما ذلك من طريق صحيحة عدلا عنها لعلو السند وغير ذلك من المحامل فمن باب التجويز، ولو فتحنا ذلك الباب لما صح لنا طعن في خبر ولا عدالة، بل لو فتحنا التجويزات لأمكن ذلك في النبوة وغيرها.
  والحق الذي لا غبار عليه، أن الصحيحين كغيرهما من الكتب، وقد أخرجا ما أخرجاه مسنداً فبرئا من العهدة، وعلى العامل التفتيش عن تلك الطرق، ولا يلزم من هذا الخطأ على المصنف مع الإسناد وكل على أصله والترجيح باتفاق العقائد نوع من الغلو، والعبرة في هذا الشأن بالضبط مع الصدق وعدم التجاري على المعاصي، وخصوصاً أبواب سلاطين الجور فافهم.
  وقد أجاب العلماء عن العيوب المستدركة على الشيخين بأجوبة منها المفيد، ومنها ما هو إلى الضعف أقرب، ومقصدنا المناقشة على صحة الإجماع لا المدعي المعارضة وكثرة الهذيان بما لا طائل تحته، والحق أحق أن يتبع.