الوجه الثالث: في ذكر من بلغنا أنه انتقد على البخاري ومسلم
  الصحابة ليس لأحدهم سوى راوٍ واحد.
  وقيل: إن شرط البخاري أن يخرج الحديث المتفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور، من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متصلاً غير مقطوع، وإن كان للصحابي راويان فصاعداً فحسن، وإن لم يكن إلا راوٍ وصح الطريق إليه كفى.
  قلت: وهذا أبعد فإنه قد روى عن المختلف فيهم، ومن رمي بالتدليس والمجاهيل، وعن غير مشهور من الصحابة، ولذا قال ابن حجر ما لفظه: ما ادعاه الإمام أبو عمرو بن الصلاح وغيره من الإجماع على تلقي هذا الكتاب بالقبول والتسليم لصحة جميع ما فيه، فإن هذه المواضع متنازع في صحتها فلم يحصل لها من التلقي ما حصل لمعظم الكتاب، وقد تعرض لذلك ابن الصلاح في قوله: إلا مواضع يسيرة انتقدها عليه الدارقطني وغيره.
  وقال في مقدمة شرح مسلم: له مآخذ عليهما - يعني على البخاري ومسلم - وقدح فيه معتمد من الحفاظ وهو مستثنى مما ذكرنا لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول. انتهى وهو احتراز حسن. ا ه.
  ومن هنا يظهر له أن الإجماع المحكي مقيد.
  ثانياً: أن إطلاق الإجماع إنما هو متوجه إلى اتفاق الجمهور، ممن تعقب البخاري ومسلماً من أهل الحديث، وفيه من البعد ما لا يخفى لتعدد الأقطار وتفرقهم في الأمصار، وكون إجماع الجمهور ليس بحجة، على أن المحدثين نصوا على عدم قبول رواية الداعية من المبتدعة وهم مثبتون من رجال الصحيحين، ونصوا على ضعف أبي حنيفة لروايته عن