العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[العلم والهداية]

صفحة 158 - الجزء 1

  قال: إنه خلق بعضهم للنار مكتوب عليهم الشقاء، وهم أهل نحلتك، أما أصحابنا فقد تبرءوا من هذا وقالوا: لو أراد الله الهداية القسرية لفعل سبحانه، لكنه خلاهم مختارين مجازين بأعمالهم ومثابين على حسناتهم، فانظر لقولهم عند قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}⁣[البلد: ١٠]، وقوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}⁣[فصلت: ١٧] وغير ذلك من نصوصهم.

  [ابن الوزير] قال |: وقولهم: إن الله لم يخلق شيئاً على الحقيقة قط، لأن الأشياء ثابتة فيما لم يزل وَتَذْويةِ الذات محال، وإنما الذي هو فعل الله اكتساب الذوات الثابتة في القدم صفة الوجود وليس لله عندهم فعل إلا صفة الوجود، لكن صفة الوجود عندهم وسائر الصفات ليست بشيء فحصل من هذا أن الله تعالى لم يخلق شيئاً قط، وإنما يقال إنه خالق كل شيء مجازاً. انتهى.

  [المؤلف] قلت: هذا الكلام ليس لأصحابنا وشيوخنا، وإنما هو يلزم الأمورية، وهذا ظاهر كلام ابن الراوندي، مع أن هذا عين كلام أهل السنة، من أن القدرة موجبة للمقدور، لأن الله سبحانه قادر في الأزل اتفاقاً، فلزم مقارنة القدرة للمقدور في الأزل.

  هذا واعلم أنهم قد حكوا اتفاق أهل الإسلام على حدوث العالم جميعه، والذوات منه، فلا يلزمهم قدمها، بل قدرة الله شاملة للذوات وغيرها من المتعلقات، لأنهم قد صرحوا بحدوث الجسم واكتساب الوجود عرض لا كما قال: إن صفة الوجود ليست بشيء، وفي هذه المسألة غموض من القول لتعلق القدرة بالمقدور وجود مع كون الصيغة لا تقتضي