فصل في الاختيار والكسب
  دع عنك قوما قد شئَوْك بجهلهم ... واضرب بقولك مطلق التسريح
  قال أبو عثمان إسماعيل الصابوني في رسالته التي حصر فيها مذهب المحدثين ما لفظه: ومن مذهب أهل السنة والجماعة، أن الله ø مريد لجميع أفعال العباد خيرها وشرها لم يؤمن أحد إلا بمشيئته، ولم يكفر أحد إلا بمشيئته، ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة، ولو شاء أن لا يعصى ما خلق إبليس، فكفر الكافر وإيمان المؤمن بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته أراد كل ذلك وشاءه وقضاه، ويرضى الإيمان والطاعة، ويسخط الكفر والمعصية قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}[الزمر: ٧]. ا هـ.
  وقال في موضع آخر ما لفظه: ومن قول أهل السنة والجماعة في اكتساب العباد أنها مخلوقة لله تعالى لا يمترون فيه ولا يعدون من أهل الهدى ودين الحق من ينكر هذا القول وينفيه، ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، لا حجة لمن أضله الله عليه، ولا عذر له لديه قال تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}[الأنعام: ١٤٩] وقال: {وَلَوْ شِئْنَا لاَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي ...} الآية [السجدة: ١٣]، وقال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ ...} الآية [الأعراف: ١٧٩]، سبحانه خلق الخلق بلا حاجة إليهم فجعلهم فرقتين فريقاً للنعيم فضلاً وفريقاً للجحيم عدلاً، وجعل منهم غوياً ورشيداً وشقياً وسعيداً وقريباً من رحمة الله وبعيداً {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء: ٢٣].