فصل في الاختيار والكسب
  فكيف برسلي لو أتتكم»(١). ا ه.
  فالجواب عنه من وجوه:
  الأول: روي وقفه عن أبي هريرة.
  ثانياً: إن أبا هريرة غير مرضي الرواية عند المعتزلة والزيدية إذا انفرد، وتصحيح أئمتك لا يلزم خصمك.
  ثالثاً: إن فيه إثبات التكليف في الأخرى الممنوع بصرائح الأدلة وخبر: «يولد المولود على الفطرة» ينافيه، وعلى كل حال فالخبر وإن صححه أحمد وغيره فهو مما يجر إلى بدعتهم مع معارضة القطعيات، لكن الهوى ألجأ اللبيب إلى مدارك الجهل وحمله عليه بعد المعرفة.
  لهوى النفوس سريرة لا تعلم ... كما حار فيها عالم متكلم
  وأما قوله: إنه يجوز أن يدخلوا النار ولا يتألموا كالحيات ... الخ.
  فاعلم أن ذلك وإن كان فهو ممنوع؛ لأن النيران هي منزل غضب الرحمن ودخول أهلها فيها من مقامات الهوان فكيف يهان من لا يستحق الإهانة من الولدان، وقياسهم على الحيات ممنوع أيضاً لكون الحيات خلقوا من جنس العقاب على المعاقبين، فكيف يتأذى من جنسه أو نفسه على أنه لو صح للعصيان حكم في الآخرة للزم أن تصح التوبة ليقابلهما تكليفا والفرق بينهما وبين البالغ في الدنيا عاصياً والطفل في الآخرة للاجتماع في المعصية
(١) مجمع الزوائد ٧/ ٢١٦، مسند ابن الجعد ١/ ٣٠٠، التمهيد لابن عبد البر ١٨/ ١٢٧.