[سمرة بن جندب]
  ونرجع إلى الإعراض عنهم وإلى الجهاد، وأما أنتم فإنه يقبح منكم ذلك قبل إقامة البراهين.
  قلنا لهم: إن الحجة لله تعالى عليهم قد تمت قبل أن تذكروا لهم تلك البراهين بما خلق الله لهم من العقول وأرسل إليهم من الرسل، فكما أنهم لو ماتوا على كفرهم قبل مناظرتكم لهم حسن من الله أن يعذبهم بالنار، فكذلك يحسن منا أن نقول لهم: قد أقام الله الحجة عليكم وعرفكم، ثم استدل أن النبي ÷ قاتل المشركين حتى يشهدوا الشهادتين ولم يوجب الله عليه المجادلة. ا هـ كلامه.
  أقول: أما إذا استطعمونا الدليل وجب لفعله ÷ مع أهل نجران وغيرهم ممن قبلهم وبعدهم بالضرورة.
  وأما قوله: إنه قاتل قبل الدعاء في آخر الأمر، فغير مسلم؛ إذ قد عرض نفسه على قبائل العرب ودعاهم في المواسم كافة حتى فشى الإسلام وطار صيته وظهر ظهوراً لا يجهله أحد من العرب، وأرسل دعاته إلى اليمن قبل الكتاب، فلما أعرض العرب أمره الله بالقتال بادئاً بقريش ومن ظاهرهم ثم الذين يلون المدينة، ثم كافة أهل الشرك بعد الفتح.
  وقد جرت عادة الحكيم سبحانه وتعالى بعدم مؤاخذة الناس حتى يقيم عليهم الأدلة فإذا فسقوا أخذهم بتكذيبهم، هذا نبينا ÷ أمره الله بالجدال فقال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥].
  وأما التقسيم الآخر وهو هل هم معذورون قبل المناظرة أم لا؟