[سمرة بن جندب]
  قلنا: أما قواعدنا فهي قاضية بعدم عذرهم لكن نحن متعبدون بكمال معرفة الله سبحانه على ما يجب له وإرشاد عباده بما فهمنا من العلوم حتى ورد الوعيد على كتم علم يحتاج إليه الناس ومن لم يعرف حجج الله على عباده كيف يعرف ثمرة الحجج.
  [ابن الوزير] قال: الوجه الثاني: إن الكفار متى سألونا الدليل على ثبوت الإسلام قلنا لهم: انظروا في ملكوت السماوات والأرض ومعجزات الأنبياء ونحو ذلك من أدلة الإسلام على الإنصاف ... إلى آخر كلامه.
  [المؤلف] أقول: جوابك هذا من أوله بمعزل عن كلام صاحب الرسالة |، لكن الجواب على هذه الوجوه بأجمعها من وجهين:
  أحدهما: أن الله سبحانه وتعالى تعبدنا بالنظر لعدم الطريق إلى معرفته كما يجب له إلا من جهته ليس إلا، فثبت وجوبه كما قلتم أنكم تأمروا الكفرة به، أما الكفار فقد قدمنا وجوب دعاهم إلى الحق إذا استطعمونا ذلك بما أمكن ولا يلزمنا إدخاله في قلوبهم، بل نحن متعبدون بذلك سواء انتفعوا أم لا كما وجب على الأنبياء À؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء، على أن جميع ما تردوا به لا يستقيم إلا بالنظر، وجميع أدلة السمع لا يحكم على رجحان بعضها على بعض إلا العقل بواسطة النظر الذي قمتم وقعدتم في هدم وجوبه.
  الوجه الثاني: إنك قررت فيما سبق لك أن كل أهل فن حجة في فنهم على من سواهم من سائر الفرق فمالك الآن رجعت على عقبيك وأنكرت وجوب النظر ثم استدليت به، ومع أن هذا يستلزم أن إيمان المحدثين أعظم من إيمان أئمتكم أبي بكر وعمر، فإنهما لم يؤمنا