[عقائد المتسمين بأهل السنة]
  وأما قوله: إنهم لا يأخذون في دينهم إلا بالعلم. فقد أوردنا أدلتهم ليقف عليها فليس فيها ما يثمر العلم بل ولا الظن، أما آية الاستواء فهي محتملة والمحتمل لا يؤخذ به في المظنونات فضلاً عن العلميات وسائر أدلتهم من هذا المنوال، وكذلك الأخبار فإنها أحادية وقابلة للتأويل.
  فأما قولهم: لا ملجئ للتأويل من السمع.
  قلنا: بلى، أولاً قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] [وقوله:] {وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه: ١٠] [وقوله:] {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: ١٠٣]، فتقتضي مخالفته لكل شيء متعقل يعرفه العقلاء من تعريف السمع مباينة الخالق للمخلوق والصانع للمصنوع وذلك متفق على صحته العقل والنقل، وما قلتم مختلف فيه بينهما واتباع المتفق عليه أولى من المختلف فيه.
  ثانياً: إنك نفيت إدراك العقل لئلا يلزم التجسيم من أقوالكم السمعية وغفلتم عن إدراك السمع لذلك على أنا لو قلنا بكونه على العرش بلا كيف فقد شابه الأشياء بالحلول والاستقرار والتحيز والقول في المجيء والنزول كذلك.