البحث الثاني في الهداية
  الرابع: الهداية في الآخرة إلى الجنة المعني بقوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ}[محمد: ٥] {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ ...} إلى قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا}[الأعراف: ٤٣].
  وهذه الهدايات الأربع مترتبة، فإن من لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثانية بل لا يصح تكليفه، ومن لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة، ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث قبله، ومن حصل له الثالث فقد حصل له اللذان قبله، ثم ينعكس فقد تحصل الأولى ولا تحصل له ما بقي، والإنسان لا يقدر أن يهدي أحد إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر الهدايات، وإلى الأولى أشار بقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢] [وقوله:] {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}[الأنبياء: ٧٣] [وقوله:] {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}[الرعد: ٧] وإلى سائر الهدايات أشار بقوله: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}[القصص: ٥٦] وكل هداية ذكر الله ø أنه منع الظالمين والكافرين والفاسقين فهي الهداية الثالثة وهي التوفيق الذي يختص به المهتدون، والرابعة التي هي الثواب في الآخرة وإدخال الجنة نحو قوله ø: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا ...} إلى قوله: {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[آل عمران: ٨٦] وكقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[النحل: ١٠٧] وكل هداية نفاها الله تعالى عن النبي ÷ وعن البشر وذكر أنهم غير قادرين عليها، فهي ما عدى المختص من الدعاء تعريف الطريق كالتوفيق وإدخال الجنة كقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ