العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

البحث الثاني في الهداية

صفحة 305 - الجزء 1

  اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[البقرة: ٢٧٢] {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى}⁣[الأنعام: ٣٥] {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلاَلَتِهِمْ}⁣[الروم: ٥٣] {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ}⁣[النحل: ٣٧] {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ}⁣[الزمر: ٣٧] {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[القصص: ٥٦] وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}⁣[يونس: ٩٩] وقوله: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ}⁣[الإسراء: ٩٧] أي طالب الهدى ومتحريه هو الذي يهديه ويوفقه إلى طريق الجنة لا من ضاده فيتحرى طريق الضلال والكفر كقوله: {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}⁣[البقرة: ٢٦٤] وفي أخرى: {الظَّالِمِينَ} وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}⁣[الزمر: ٣] الكاذب الكفار هو الذي لا تقبل هدايته وجحد ربوبيته أو وحدانيته، فإن ذلك رجع إلى هذا، وإن لم يكن لفظه موضوعاً لذلك ومن لم يقبل هدايته لم يهده كقولك من لم يقبل هديتي لم أهد له، ومن لم يقبل عطيتي لم أعطه، ومن رغب عني لم أرغب فيه، وعلى هذا النحو {وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وفي أخرى: {الْفَاسِقِينَ} وقوله: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى}⁣[يونس: ٣٥] وقد قرئ: {يَهْدِي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى} أي لا يهدي غيره ولكن يهدي أي لا يعلم شيئاً ولا يعرف أي لا هداية له ولو هدي أيضاً لم يهدى؛ لأنها موات من حجارة ونحوها.

  هذا ولما كانت الهداية والتعليم يقتضي شيئين، تعريفاً من المعرِّف، وتعريفا من المعرَّف وبهما تتم الهداية والتعليم، فإنه متى حصل البذل من الهادي والمعلم ولم يحصل القبول صح