العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

البحث الثالث في الخلق وما يتصل بذلك

صفحة 314 - الجزء 1

  أقول: ولا مانع لصحة إطلاقه معنى التقدير كما ذكروا لقوله تعالى: {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ}⁣[الرعد: ١٦] وقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}⁣[المؤمنون: ١٤] وقد استدل أهل السنة على قولهم أن أفعالنا مخلوقة لله تعالى بقوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الرعد: ١٦] {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}⁣[فاطر: ٣] وبأن أفعال العباد ذوات حقيقة ولا يقدر على إيجادها أي الذوات إلا الله سبحانه وتعالى.

  والجواب على جهة الإجمال وإلا فليس هذا موضعه ولا معارضة وذلك أن نقول: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} عام ولا يصح تخصيص المسور بكل إلا متصل، وبذلك يلزم أن الله خلق صفاته القديمة بل نفسه؛ لأنه سبحانه شيء {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}⁣[الأنعام: ١٩] وهذا كفر بالإجماع ويلزم منه خلق القرآن وقد منعتم منه وخلق المعاصي والقبائح وخلق الكسب الذي زعمتم، وما أجبتم به فهو جوابنا.

  ثانياً: إن الآية مساقة للتمدح بعموم القدرة لما من شأنه الخلق، فخرج ما يصح من غيره بضرورة العقل والنقل كما قيل في تفسير قوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[النمل: ٢٣]، أما الصفات فلا خلاف في ذلك، وأما أفعالنا فنسبتها إلينا عقلي ونقلي، أما العقل فظاهر وإنكار ذلك سفسطة، وأما النقل فإجماع المسلمين من عدلي وسني وجبري وغيرهم إطلاق نسبة أفعالنا إلينا.

  قال السيد محمد في (الإيثار): ألا ترى أن جميع عبارات الكتاب والسنة وأهل اللغة في الجاهلية والإسلام والمسلمين من أهل السنة والبدعة من العامة والخاص والصحابة