العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

البحث الثالث في الخلق وما يتصل بذلك

صفحة 315 - الجزء 1

  والتابعين، بل والجبرية والجهمية المبتدعة كلهم عبروا عن أفعال العباد بأسمائها الخاصة بها وبكسب العباد لها وفعلهم واختيارهم دون خلق الله تعالى لها فيهم فيقولون: إذا زنا الزاني مختاراً غير مكره وجب عليه الحد، وكذلك إذا قتل وجب عليه القصاص، وإذا كفر وجب جهاده ونحو ذلك، ولا يقول أحد منهم حتى الجبرية الضلال إذا خلق الله الزنا في الزاني جلد، وإذا خلق القتل في القاتل قتل، وإذا خلق الكفر في الكافر حورب وهذه كتبهم شاهدة بذلك، ولو أن أحداً قال ذلك وحافظ عليه فلم ينطق بمعصية منسوبة إلى فاعلها ويدل نسبة المعاصي إلى أهلها بنسبتها إلى خلق الله تعالى في أهلها في جميع كلامه أو كثير منه، لكان ذلك من أوضح البدع، وأشنع الشنع.

  ... وشر الأمور المحدثات البدائع

  وأما سائر من قال: إن أفعال العباد مقدور بين قادرين. من غير تمييز بالذات، فالكلام معهم مثل الكلام مع الأشعرية؛ لأنهم وإن لم يفرقوا بين فعل الرب ø وفعل العبد بالذات فإنهم يفرقون بينهما بالوجوه والاعتبارات وذلك أمر ضروري فإنهم لا بد أن يقولوا إن العبد فعل الطاعة على وجه الذلة والخضوع والامتثال والتقرب والرغبة والرهبة وأن الله تعالى منزه عن جميع هذه الوجوه وأن الله تعالى فعل ذلك الفعل، إما لغير علة كما هو قول بعضهم، وإما على جهة الحكمة والرحمة والنعمة؛ إذ على جهة الحكمة والابتلاء والامتحان فثبت بهذا أن فعل العبد مركب من أمرين اثنين: أحدهما من الذات التي هي مقدور بين قادرين، وثانيهما من تلك الوجوه والاعتبارات التي يكفر من أجازها على الله سبحانه أو سماه بها بالإجماع والله تعالى لا يشارك العبد إلا في أجمل هذين الأمرين وأحمدهما فكيف ينسب إليه أخبثهما وشرهما وأقبحهما بغير إذن منه ... الخ ... إلى أن قال: