البحث الثالث في الخلق وما يتصل بذلك
  أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزاهد الأصبهاني، أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، أخبرنا إبراهيم بن يحيى بن محمد المدني الشجري، حدثني أبي عن عبيد بن يحيى عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي، عن أبيه رفاعة بن رافع وكان قد شهد بدراً مع رسول الله ÷ أنه خرج وابن خالته معاذ بن عفراء حتى قدما مكة، فلما هبطا من الثنية رأيا رجلاً تحت الشجرة ... إلى قوله: فقلنا: من أنت؟ قال: «انزلوا، فنزلنا، فقلنا: أين الرجل الذي يدعي ويقول ما يقول، فقال: أنا، فقلت له: فاعرض عليّ، فعرض علينا الإسلام فقال: من خلق السموات والجبال؟ فقلنا: الله، فقال: من خلقكم؟ قلنا: الله، قال: فمن عمل هذه الأصنام؟ قلنا: نحن، قال: فالخالق أحق بالعبادة أم المخلوق فأنتم عملتموها والله أحق أن تعبدوه من شيء عملتموه»(١). قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد. ا ه.
  مع أن الأشاعرة يوافقونا في أن المجمل ليس بحجة وهذه الآية من المجمل لاحتمالها.
  هذا وأعظم ما أتى به الظاهرية من الفواقر إطلاق الآيات الصفاتية لذات واجب الوجود على الحقائق العربية، ومنع حملها على المجازات اللغوية حتى شبهوه بخلقه، وحازوه في مكان، وجعلوه محمول للملائكة $، ونفوا منه سائر الجهات من غير دليل قاطع نص في المطلوب وما تكلفوا من التنزيه، بلى كيف من التمويه بعد التصريح، ومن فواقرهم الكلام في القرآن، وتكفيرهم لمن قال بحدوثه مع أن الله قد نص في القرآن على حدوثه وهم مقرون أنه لم يظهر الكلام عليه إلا في زمن العباسية فغايته أن يكون الكلام
(١) المستدرك على الصحيحين ٤/ ١٦٥.