العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

[بحث في الصحبة والصحابة]

صفحة 329 - الجزء 1

  وقال: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}⁣[الأحزاب: ٦٤].

  فأما قول من يقول: أي ثواب في اللعن؟ وإن الله لا يقول للمكلف: لِمَ لَمْ تلعن، بل قد يقول: لِمَ لعنت، وأنه لو جعل مكان (لعن الله) (اللهم اغفر لي) لكان خيراً له، ولو أن إنسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يؤخذ بذلك، فكلام جاهل لا يدري ما يقول، اللعن طاعة ويستحق عليها الثواب إذا فُعلت على وجهها وهو أن يلعن مستحق اللعن لله وفي الله لا في العصبية والهوى، ألا ترى أن الشرع قد ورد بها في نفي الولد ونطق به القرآن وهو أن يقول الزوج في الخامسة: {أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}⁣[النور: ٧] فلو لم يكن الله تعالى يريد أن يتلفظ عباده بهذه اللفظة وأنه قد تعبدهم بها لما جعلها من معالم الشرع ولما كررها في كثير من كتابه العزيز ولما قال في حق القاتل: وغضب الله عليه ولعنه، وليس المراد من قوله: ولعنه إلا الأمر بأن نلعنه ولو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا أن نلعنه؛ لأن الله قد لعنه أفيلعن الله تعالى إنساناً ولا يكون لنا أن نلعنه؟ هذا ما لا يسوغ في العقل كما لا يجوز أن يمدح الله إنساناً إلا ولنا أن نمدحه ولا يذمه إلا ولنا أن نذمه، وقال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ}⁣[المائدة: ٦٠] وقال: {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}⁣[الأحزاب: ٦٨] وقال ø: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}⁣[المائدة: ٦٤] ... إلى آخر كلامه.

  أقول: فلما صح أن عليا هو المحق، وأعداؤه من الناكثين والقاسطين والمارقين على