العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

المسألة الأولى: القدح على المحدثين لقبول المجهول من الصحابة وقولهم: إن الجميع عدول بتعديل الله تعالى

صفحة 79 - الجزء 1

  ثم استدل على عدالتهم فقال: أما الكتاب فمثل قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ...} إلخ [آل عمران: ١١٠].

  [المؤلف] قلت: الآية تحتمل الإشارة إلى معهودين وصفهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الإجمال، والقرآن يفسر بعضه بعضاً فقد قال في آية أخرى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}⁣[آل عمران: ١٥٢] وقال سبحانه في الأخصين به: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}⁣[التوبة: ١٠١] وفي الأعراب: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ}⁣[الأنفال: ٩٧] وذكر أن منهم من يتربص بالمسلمين الدوائر إلى غير ذلك، على أنا لو سلمنا فالدليل أخص من الدعوى كما قدمنا.

  ثم قال [ابن الوزير]: الأثر الأول: ما روى ابن عمر عن أبيه أن رسول الله ÷ قام فيهم فقال: «أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد»⁣(⁣١) الحديث، رواه أحمد والترمذي⁣(⁣٢) ... إلخ.

  [إلى أن قال]: قد نقل أنه حديث مشهور جيد، قال ذلك الحافظ ابن كثير في إرشاده.

  قلت: وفيه ما يدل على أنه أراد بأصحابه أهل زمانه وفهم من قوله: «ثم الذين يلونهم» فإنه جعل أهل زمانه طبقة «ثم الذين يلونهم» فلم يكن ليخرج ممن لم يره ممن أدرك زمانه، ... مع دخول من لم يره في التابعين الذين لم يدركوا زمانه.


(١) المستدرك على الصحيحين ١/ ١٩٧، الأحاديث المختارة ١/ ٢٩٥، سنن الترمذي ٤/ ٤٦٥.

(٢) الروض الباسم ١/ ٥٣.