(8) المسألة الثامنة إن هذا القرآن الذي بيننا كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله
  ٢ - والذي يدل علي الثاني: أن المعجز الذي ظهر على يديه قد شهد له بالصدق فيما أخبر به، والإصابة فيما اعتقده؛ لأن ظهوره على من لا يكون كذلك قبيح، والله تعالى لا يفعل القبيح على ما تقدم بيانه.
  ومما يدل على أن هذا القرآن الذي بيننا كلام الله تعالى قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}[التوبة: ٦] ولا شك أن الذي يسمعه المشرك من النبي ÷ هو الذي بيننا، والذي نتلوه، دون ما تدعيه الأشعرية والكلابية من المعنى القديم والأزلي.
  وأما قولهم: إن كلام الله تعالى معنى قديم أو أزلي فهو قول باطل؛ لأنا قد بينا أنه لا قديم سوى الله تعالى.
  وأما قولهم: إنه قائم بذاته تعالى، فإن أرادوا بذلك أنه حال فيه فذلك باطل، كما يقال: الكون قائم بالجسم، أي حال فيه، فذلك باطل؛ لأن الحلول لا يجوز إلا على المحدثات.
  وإن أرادوا بالقيام بالذات: الحفظ كما قال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[الرعد: ٣٣] أي حافظ، فذلك لا يجوز على مذهبهم؛ لأنه متى كان قديماً لم يحتج إلى من يحفظه.
  وإن قالوا: إنا نريد به أنه موجود به، قيل لهم: إن أردتم بذلك أنه فاعل له، كما يقال السماوات والأرض موجودة بالله