الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(9) المسألة التاسعة أن هذا القرآن محدث غير قديم

صفحة 156 - الجزء 1

  المحدث بوقت واحد، أو أوقات محصورة محدث أيضاً؛ لأنه قد صار أيضاً لوجوده أول يشار إليه.

  ب - وأما الأدلة السمعية:

  فمنها قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}⁣[الأنبياء: ٢].

  وجه الاستدلال بهذه الآية: أن الكفار كانوا يلغون ويلعبون عند استماع القرآن ونزوله، فنزلت هذه الآية ذماً لهم، وإخباراً عن حالهم، وأن قلوبهم لاهية عن ذلك، وكان ذلك مفهوماً بصرف الخطاب إليه.

  فثبت بهذه الآية حدوث الذكر وهو القرآن؛ لأن القرآن يسمى ذكرا لقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}⁣[الزخرف: ٤٤] وقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}⁣[الحجر: ٩] ومنها قوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً}⁣[الأحقاف: ١٢].

  وجه الاستدلال بهذه الآية: أن الله تعالى أخبر أن كتاب موسى قبل هذا الكتاب، وما كان قبله غيره فهو محدث، وخبر الله تعالى يجب أن يكون صدقاً، وهذه الدلالة مبنية على ثلاثة أصول:

  احدها: أن الله تعالى أخبر أن كتاب موسى قبل هذا الكتاب.

  والثاني: أن ما كان قبله غيره فهو محدث.

  والثالث: أن خبره يجب أن يكون صدقاً.

  ١ - فالذي يدل على الأول: أن الله تعالى حكى عن الكفار الطعن على القرآن الكريم، ورميهم له بأنه إفك قديم، فأكذبهم الله تعالى بقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ١١ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً}⁣[الأحقاف: ١١ - ١٢].