الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(9) المسألة التاسعة أن هذا القرآن محدث غير قديم

صفحة 157 - الجزء 1

  ٢ - والذي يدل على الثاني: أن المحدث هو الذي لوجوده أول، ولا شك أن ما تقدم غيره، فقد صار لوجوده أول يشار إليه.

  ٣ - والذي يدل على الثالث: أن خبره تعالى لو لم يكن صدقاً لكان كذباً؛ ولا يجوز أن يكون كذباً؛ لأن الكذب قبيح، وقد بينا أن الله تعالى لا يفعل القبيح.

  ومنها قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}⁣[الزمر: ٢٣] فهذه الآية تدل على حدوث القرآن من وجوه:

  أحدها: أنه تعالى وصفه بأنه منزل، والقديم لا يجوز عليه النزول.

  وثانيها: أنه وصفه بأنه حسن، والحسن من صفات المحدث.

  وثالثها: أنه تعالى وصفه بأنه حديث، والحديث يناقض القديم.

  ورابعها: أنه وصفه بأنه كتاب، والكتاب هو المجموع؛ لذلك سميت الكتيبة كتيبة لاجتماعها، والاجتماع من صفات المحدث.

  وخامسها: أنه وصف بأنه متشابه، والمراد بذلك أن بعضه يشبه البعض الآخر في جزالة ألفاظه، وجودة معانيه، والقديم لا يشبه غيره.

  ***

  فأمّا ما تقوله الكرامية: من أنه محدث، وليس بمخلوق فذلك قول باطل؛ لأنا لا نريد بقولنا إنه مخلوق إلا أنه محدث، على مقدار معلوم مطابق لمصالح العباد، وقد أحدثه الله تعالى كذلك، فصح وصفه بأنه مخلوق بهذا المعنى، وقد وصفه الله تعالى بما يدل على أنه مخلوق، قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}⁣[الزخرف: ٣] معناه خلقناه