الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

الفصل الأول في بيان معاني الألفاظ

صفحة 43 - الجزء 1

  ولو لم يقبل توبة التائبين لما حسن أمره لهم بالتوبة، ولما حسن التكليف لهم أيضاً بعد وقوع المعصية؛ لأنه لا يكون لهم - والحال هذه طريق إلى - الانتفاع بما كلفوه.

  ولو لم يثب من أطاعه، وتجنب معاصيه، لكان ذلك ظلماً، من حيث أنه ألزمهم المشاق ولم يخبره بنفع، والله يتعالى عن ذلك.

  وأما الواجبات التي على المكلف فهي على ضربين عقلي وشرعي:

  ١ - فالعقلي: ما عرف وجوبه من جهة العقل، كمعرفة الله تعالى وكقضاء الدين ورد الوديعة، وشكر المنعم وما أشبه ذلك.

  ٢ - والشرعي: فهو ما لا يعرف وجوبه إلا من جهة الشرع، كالصلاة والزكاة، وما أشبههما والمقبحات التي تقبح من المكلف فهي على ضربين: عقلي وشرعي:

  ١ - فالعقلي: ما لايعلم قبحه الا من جهة العقل كالجهل بالله تعالى، والظلم، والكذب، وترك رد الوديعة، وما أشبه ذلك.

  ٢ - (والشرعي: هو ما لا يعلم قبحه إلا من جهة الشرع كترك الصلاة والزكاة والحج والصوم، وما أشبه ذلك).

  وقلنا: (مع مشقة تلحقه في الفعل والترك) احترازاً من أهل الجنة فإنهم عالمون بوجوب الواجبات وقبح المقبحات، وليسوا بمكلفين؛ لأن المشقة لا تلحقهم في دار الآخرة لقوله تعالى: {لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}⁣[الحجر: ٤٨].

  وقلنا: (ما لم يكن ملجأ إلى شيء من ذلك) احترازاً من المحتضر وأهل الآخرة، فإن المحتضر متى نزلت به ملائكة الموت، فإنه يعلم في تلك الحال وجوب الواجبات وقبح المقبحات، وليس بمكلف؛ لأنه قد صار ملجأً الى ذلك لا يستطيع أن يزيد في حسنه ولا ينقص من سيئة؛ لقوله تعالى: