الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(10) المسألة العاشرة أن محمدا ÷ نبي صادق

صفحة 161 - الجزء 1

  أما الأربعة الأولى: فهي معلومة ضرورة عند كل من سمع الأخبار، وعرف السير والآثار.

  وأما الخامس: وهو أنه تحدى العرب أن يأتوا بمثله.

  قلنا: في بيان ذلك طريقان:

  أحدهما: أنه يعلم ضرورة، لكن بشرط تقدم الفحص، والتفتيش، فيفارق الوجوه الأولى، فإنها لا تحتاج إلى فحص ولا تفتيش.

  ومن فحص عن هذا، أو فتش حصل له العلم من طريق الأخبار، بأن محمداً ÷ كان يغشى محافل العرب، ومجامعها، ويتلوا عليهم القرآن، ويلتمس منهم المعارضة.

  الطريق الثاني: أن القرآن مشحون بآيات التحدي، وقد رتب الله تعالى التحدي فيه ثلاث مراتب:

  المرتبة الأولى: أنه تحداهم أن يأتوا بمثل القرآن، قال الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَ يُؤْمِنُونَ ٣٣ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}⁣[الطور: ٣٣ - ٣٤] ثم أخبر أنهم لا يأتون بمثله قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}⁣[الإسراء: ٨٨] فلما لم يأتوا بشيء مما تحداهم أنزلهم مرتبة ثانية.

  الثانية من المراتب: تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات، فقال تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}⁣[هود: ١٣] فلما لم يأتوا بشيء مما تحداهم أنزلهم مرتبة ثالثة.

  المرتبة الثالثة: تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله، فقال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}⁣[البقرة: ٢٣]