(10) المسألة العاشرة أن محمدا ÷ نبي صادق
  أو تعصب، هو بعينه يدعو إلى نقل الآخر.
  وهذه القضية في القرآن الكريم ألزم، لِعظَم خطره في نفسه، من حيث أنه اقتضى إثبات نبوته، وتأسيس شريعته، ونسخ شريعة أخرى، فكانت معارضته تقوى بحسب قوته، وكانت دواعي المتمسكين به متوفرة إلى نقل المعارضة لو كانت، ليثبتوا بها أن المعارضة غير قادحة فيه، ودواعي المكذبين له متوفرة إلى نقلها، ليثبتوا بها إبطال أمر النبي ÷.
  ٢ - وأما الأصل الثاني: وهو أنه لم تنقل.
  فالذي يدل على ذلك: أنها لو نقلت لوجب أن نعلمها ضرورة، كما علمنا وجود القرآن الكريم ضرورة، ولا شك أنا غير عالمين بها لا ضرورة ولا استدلال.
  فلما لم تنقل، ثبت أنها لم تكن، وإلا كان إثباتها إثبات ما لا طريق إليه وذلك لا يجوز.
  ***
  وأما الأصل السابع: وهو أنهم إنما تركوا الإتيان بمثل القرآن لعجزهم عنه.
  فالذي يدل على ذلك أن دواعي العرب كانت متوفرة، إلى إبطال دعوى النبي ÷، وكانوا يعلمون أن أمره يبطل بالمعارضة، فلو كانوا قادرين عليها لفعلوها، وهذه الدلالة مبنية على ثلاثة أصول:
  أحدها: أن دواعي العرب كانت متوفرة، إلى إبطال أمر النبي ÷.
  والثاني: أنهم كانوا يعلمون أن أمره يبطل بالمعارضة.
  والثالث: أنهم لو كانوا قادرين عليها لفعلوها.
  ١ - فالذي يدل على الأول: ما نعلمه ضرورة، من أن العرب كانت أشد الناس حرصاً على إبطال أمر النبي ÷، وإسقاط دعواه، ولأجل ذلك استهانوا ببذل النفوس، وصبروا على مرارة الحروب، ولولا قوة دواعيهم لما تحملوا هذه المشاق.