(10) المسألة العاشرة أن محمدا ÷ نبي صادق
  ٢ - والذي يدل على الثاني: أنه ÷ لما أظهر التحدي عليهم، وعرَّفهم أنهم إن أتوا بمثله لم يجب عليهم طاعته، ومتى لم يأتوا بمثله ولا شيء من ذلك وجبت عليهم متابعته.
  فإنهم عند ذلك يعلمون علماً ضرورياً، أن أمره يبطل بالمعارضة، كما أن الشاعر متى أتى بقصيدة، فادعى التمييز على غيره، لأجل قصيدة قالها، وزعم أن أحداً من الفصحاء لا يأتي بمثلها، فإن العقلاء يعلمون عند ذلك علماً ضرورياً، أن كذبه يظهر، وأن دعواه يبطل متى أتى بعضهم بمثلها، أو بخيرٍ منها، كذلك هذا.
  ٣ - وأما الأصل الثالث: وهو أنهم لو كانوا قادرين عليها لفعلوها.
  فالذي يدل عليه: أن من حق القادر على الشيء، متى دعاه الداعي المكين، إلى إيجاد ذلك الشيء أن يحصل منه، فإن لم يحصل منه مع توافر داعيه، دل ذلك على عجزه أو منعه، فإذا ثبت ما قدمناه من توفر دواعي العرب إلى إبطال أمر النبي ÷، وأنهم لم يعارضوا القرآن، ثبت أنهم إنما تركوا المعارضة إلا لعجزهم عنها.
  ***
  وأما الأصل الثامن: وهو أن القرآن ثبت بذلك أنه معجزة، أظهرها الله تعالى عليه، والكلام منه يقع في ثلاثة مواضع:
  أحدها: في حقيقة المعجز.
  والثاني: في شرائطه.
  والثالث: في الدليل على أن القرآن معجزة.
  ١ - أما الموضع الأول: فحقيقة المعجز «هو الفعل الناقض للعادة المتعلق بدعوى المدعي للنبوة».