(10) المسألة العاشرة أن محمدا ÷ نبي صادق
  ٢ - وأما الموضع الثاني: فاعلم أن شروط الإعجاز ثلاثة:
  أحدها: أن يكون المعجز من فعل الله تعالى، أو جارياً مجرى فعله.
  فالذي من فعله نحو إحياء الموتى، وما أشبه ذلك.
  والذي يجري مجرى فعله، نحو أن يُقدِرَ الله تعالى نبياً على المشي في الهوى، أو على الماء.
  وإنما وجب اشتراط هذه الشروط؛ لأن الله تعالى هو الذي يدل بالمعجز على صدق رسله $، فلم يكن بد من أن يكون له به تعلق، وليس ذلك إلاَّ بأن يكون من فعله، أو جارياً مجرى فعله.
  وثانيها: أن يكون ناقضاً للعادة، كقلب العصا حية، وإخراج الناقة من الجبل، وإنما وجب اشتراط هذه الشروط، لأن المعجز لا يدل على صدق من ظهر عليه إلاَّ بطريق المفارقة.
  ولا يقع له التمييز على غيره، إلا بأن يأتي بما ينقض عادتهم.
  ألا ترى أن طلوع الشمس من المشرق، وغروبها من المغرب لا يدل على صدق واحدٍ ولا على كذبه؛ لما كان معتاداً.
  وثالثها: أن يكون المعجز متعلقاً بدعوى المدعي للنبوة، نحو أن يدعي النبي شيئاً فيأتي على وفق ما ادّعاه؛ لأنه لو لم يكن كذلك، لم يكن له به اختصاص، فلا يدل على أن صدقه أولى من صدق غيره.
  ***
  ٣ - وأما الموضع الثالث: وهو أن القرآن معجز.
  فالذي يدل على ذلك أن شرائط المعجز قد اجتمعت فيه.
  أ - أما أنه من فعل الله، فلأنه كلامه، والكلام فعل المتكلم.
  ب - وأما أنه ناقض للعادة؛ فلأن العادة جرت في العرب بأنه إذا نشأ الرجل بينهم، وأخذ اللغة منهم، ثم يأتي من الكلام الفصيح، بما يعجز فصحاؤهم المشاهير بالبلاغة عن الإتيان بمثله، بل العادة جارية فيها أنه لا يوجد