(10) المسألة العاشرة أن محمدا ÷ نبي صادق
  إن موسى # قد نسخ شرائع من كان قبله، فإن المعلوم أن شريعة موسى #، ليست بشريعة آدم # ولا هي شريعة من تقدمه.
  ولهذا فإن الجمع بين الأختين كان جائزاً في شريعة يعقوب #، ثم صار محرماً في شريعة موسى.
  وكذلك فإن الاختتان كان ثابتاً في شريعة إبراهيم # في حال الكبر، ثم صار في شريعة موسى واجباً في حال الصغر.
  فإذا جاز لموسى # أن ينسخ شريعة من تقدم، جاز للنبي ÷ أن ينسخ شريعة موسى # ومن تقدمه؛ لأنه لا يمتنع أن يعلم الله تعالى أن المصلحة كانت ثابتة في التمسك بشريعة، في وقت مخصوص، ثم تصير المصلحة ثابتة في غير تلك الشريعة، كما نعلمه من الاختلاف في المصالح من الصحة والسقم، والغنى والفقر.
  فإذا حسن من الله تعالى أن ينقل العبد من الصحة إلى السقم، ومن الغنى إلى الفقر، لاختلاف المصالح في ذلك، جاز نقل المكلفين من شريعة إلى شريعة، لاختلاف المصلحة في ذلك.
  وبطل بذلك قولهم إن نسخ الشرائع لا يجوز.
  البشارات الواردة بنبوة نبينا محمد ÷ ومما يؤيد ما ذهبنا إليه، البشارات الواردة في التوراة بمحمد ÷، فإن يعقوب عليه قال: لا يزول الملك من يهوذا، والوحي من بين رجليه حتى يأتي الذي له الملك، وإياه تنتظر الأمم، محمرّة عيناه كشارب الخمر، بيضاء أسنانه كشارب اللبن.