(6) المسألة السادسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
  وهذا الوجه مبني على أربعة أصول:
  ١ - أحدها: أن الله تعالى أمر أن يكون فينا من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
  ٢ - والثاني: أن الأمر يقتضي الوجوب.
  ٣ - والثالث: يقتضي وجوبه على بعض منا غير معين.
  ٤ - والرابع: أن هذا هو المعنى الواجب على الكفاية.
  ١ - فالذي يدل على الأول: أن قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}[آل عمران: ١٠٤] صريح الأمر، وذلك ظاهر في اللغة، ولا خلاف أن الله تعالى أمر بذلك.
  ٢ - فالذي يدل على الثاني وجهان: لغوي وسمعي.
  فاللغوي: أن السيد إذا أمر عبده بفعل ولم يفعله، حسن منه ذمه عند العقلاء؛ لأجل مخالفته لأمر سيده، فلولا أن الأمر يقتضي الوجوب، لما حسن الذم، لمخالفته إذ لا يستحق الذم على ترك فعل إلا وذلك الفعل واجب.
  ولأن أهل اللغة يصفون من ترك ما أُمِرَ به فإنه عاصي، فلولا أن الأمر يقتضي الوجوب لما استحق تاركه هذا الاسم، قال الشاعر:
  أمرتك أمراً جازماً فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الأمانة نادما
  ب - وأما السمع: فقول الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور: ٦٣] فلولا أن الأمر يقتضي الوجوب، لما استحق الفتنة والعذاب الأليم، إذ لا يستحق ذلك إلا على ترك الواجب أو فعل القبيح.