الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(6) المسألة السادسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

صفحة 193 - الجزء 1

  ٣ - والذي يدل على الثالث: أن الله تعالى قال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ}⁣[آل عمران: ١٠٤] ومِنْ حرف يقتضي التبعيض في هذا الموضع، فإذا اقتضى ذلك تناول بعض منا غير معين، فبقى كل واحد منا مخاطب به، على سبيل البدل، بمعنى إذا بعض منا قام به فقد قضى الفرض.

  ونظير ذلك بمثابة قول السيد لعبيده، لتقم طائفة منكم بحفظ الدار، فإن ذلك يقتضي وجوبه على بعض منهم غير معين.

  بدليل أنه متى قام به بعضهم سقط وجوبه على الباقين، ومتى لم يقم به أحد منهم توجه الذم إلى كافتهم.

  والذي يدل على الرابع: أن واجب على الكفاية هو الذي إذا قام به البعض سقط وجوبه على البعض الآخر، مثل ما قدمنا من قول السيد لعبيده، وذلك كصلاة الجنازة ودفن الموتى، وما أشبه ذلك، فإن هذه الواجبات متى قام بها البعض سقط وجوبها عن الباقين، ومتى لم يقم بها أحد منهم توجه الذم إلى كافتهم، ولا شك أن المعنى حاصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكانا واجبين على الكفاية.

  ويدل على ذلك ما رويناه بالإسناد الموثوق به إلى النبي ÷ أنه قال: «مروا بالمعروف تخصبوا، وانهوا عن المنكر تنصروا». وهذا أمر، وقد بينا أن الأمر يقتضي الوجوب.

  وقال ÷: «لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف، حتى تغير، أو تنتقل».

  وقال ÷: «إذا لم ينكر القلب المنكر، نكس فجعل أعلاه أسفله».