الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الاول مسائل الاثبات

صفحة 66 - الجزء 1

  وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أن القديم قديم لذاته.

  والثاني: أن خروج الموصوف عن صفة ذاته لا يجوز.

  (الأصل الاول) فالذي يدل على الأول: أن القديم لا يخلو إما أن يكون قديماً لذاته أو لغيره.

  والغير لا يخلو إما أن يكون فاعلاً أو علة.

  والعلة لا تخلو إما أن تكون معدومة أو موجودة.

  والموجودة لا تخلو إما أن تكون قديمة أو محدثة.

  والأقسام كلها باطلة سوى أن القديم قديم لذاته.

  ولا يجوز أن يكون قديماً بالفاعل، على معنى أن فاعلاً فعله قديماً؛ لأن المفعول محدث، وذلك يبطل قدمه.

  وبعد فإذا كان للعرض فاعل بطل مذهب المخالف وهو القول بقدمه، وذلك يحصل منه غرضنا، وهو القول بحدوثه، فبطل أن يكون القديم قديماً بالفاعل.

  ولا يجوز أن يكون قديماً لعلة معدومة؛ لأن العدم مقطعة الاختصاص، والعلة لا توجب إلا بشرط الاختصاص، فإذا زال الشرط زال المشروط.

  ولا يجوز أن يكون قديماً لعلة قديمة؛ لأن الكلام في تلك العلة القديمة كالكلام في ذلك العرض القديم، فإن احتاجت في قدمها إلى علة، والعلة إلى علة تسلسل ذلك إلى ما لا نهاية له، وذلك محال.

  وإن امتنعت في قدمها عن علة، وجب أن يقتصر هاهنا، ويقتضي بأن القديم قديم لذاته، ولا يجوز أن يكون القديم قديماً لعلة محدثة؛ لأن كونه قديماً سابق عليها، وذلك يوجب استغناؤه عنها، ولهذا لا يجوز أن يكون الجسم متحركاً اليوم لحركة توجد فيه غداً لمّا كانت متأخرة عنه.

  فإذا بطلت هذه الأقسام ثبت أن القديم قديم لذاته.