القسم الاول مسائل الاثبات
  وأما الأصل الثاني: وهو أن خروج الموصوف عن صفة ذاته لا تجوز.
  فالذي يدل عليه: أن كون الصفة للذات توجب ثبوتها واستمرارها في جميع الأوقات، إذ لو ثبت في وقت دون وقت لافتقرت إلى مخصص من فاعل أو علة، وقد أبطلنا أن يستحقها لفاعل أو لعلة، فلم يبق إلا أن يستحقها في جميع الأوقات، فثبت أن القديم لا يجوز عليه العدم والبطلان.
  ٣ - وأما الأصل الثالث: وهو أنه إذا بطل قدمها ثبت حدوثها.
  فالذي يدل على ذلك: أنها قسمة دائرة بين النفي والإثبات، فلا يجوز دخول متوسط بينهما.
  بيان ذلك أنك تقول الموجود لا يخلو إما أن يكون لوجوده أول أو لا يكون لوجوده أول فهو القديم وقد بينا.
  أن الأعراض موجودة، وبطل أن تكون قديمة فلم يبق إلا أنها محدثة.
  ***
  ٣ - وأما الدعوى الثالثة: وهو أن الأجسام لم تخل من الأعراض المحدثة (فهي محدثه) فهذا مذهبنا والخلاف في ذلك مع قوم من الفلاسفة فإنهم يقولون إن أصل العالم كان متعرياً عن هذه الأعراض، وحلّته بعد ذلك، وغرضهم إثبات قِدَم العالم.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهبوا إليه:
  أن الجسم لو جاز خلوه من الأعراض في ما مضى من الزمان لجاز خلوه عنها الآن، ولا يجوز خلوه عنها الآن.