الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الاول مسائل الاثبات

صفحة 68 - الجزء 1

  وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أن الجسم لو جاز خلوه من الأعراض فيما مضى من الزمان لجاز خلوه عنها الآن.

  والثاني: أنه لا يجوز خلوه عنها الآن.

  فالذي يدل على الأول: أن الجسم لم يتغير عليه إلا مرور الزمان، ومرور الزمان لا تأثير له فيما يجب للجسم، أو يجوز، أو يستحيل.

  ألا ترى أن الجسم لمّا وجب له كل التحيز وجب له في كل زمان ومكان، ولما جاز عليه التنقل جاز عليه في كل زمان ومكان، ولما استحال عليه الكون في جهتين في وقت واحد استحال عليه في كل زمان ومكان.

  وأما الأصل الثاني: وهو أنه لا يجوز خلوه عنها الآن.

  فالذي يدل على ذلك: أنه لو جاز خلوه عنها الآن لم يمتنع أن تكون كثيراً من الأجسام موجودة وهي غير متحركة ولا ساكنة، وقد علمنا أن من جوز ذلك فقد كابر عقله، ولهذا لو أخبرنا مخبر أنه شاهد في بعض البلاد القاصية أجساماً غير متحركة ولا ساكنة، لتبادر العقلاء إلى تكذيبه، من غير من توقف في أمره، فثبت أن الجسم لا يجوز خلوه عن الأعراض المحدثة.

  (٤) وأما الدعوى الرابعة: وهو أن ما لم يخل من المحدث، ولم يتقدمها فهو محدث مثله.

  الاصل الاول: فالذي يدل على ذلك: أن الجسم إذا لم يكن يخلُ من هذه المحدثات فقد صار حكمه في الوجوه كحكمها، فكما أن لوجودها أول، فكذلك يجب أن يكون لوجود الجسم أول، ويصير الحال في ذلك كالحال في زيد وعمر.