الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

القسم الثاني مسائل النفي

صفحة 94 - الجزء 1

  وينفى بالآخر، فلا يجوز أن يقال: أنا محتاج إلى هذا الطعام، وما دعاني إليه داع، أو دعاني إليه داع، ولست بمحتاج، بل يعد من قال ذلك مناقضاً لقوله، جارياً مجرى من يقول احتجت وما احتجت ..

  فثبت بذلك أن الحاجة هي الدواعي الداعية إلى جلب نفع أو دفع ضرر.

  والمنفعة: «هي اللذة والسرور وما أدّى إليهما».

  بدليل أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر، فلا يجوز أن يقول قائل: انتفعت بهذا الفعل، وما تلذذت به، ولا سررت به، ولا يقال: تلذذت به وسررت، وما انتفعت، بل يُعد من قال ذلك مناقضاً لكلامه.

  واللذة: «هي المعنى المدرك بمحل الحياة فيه مع الشهوة له».

  وحقيقة السرور: «هو علم الحي أو ظنه أو اعتقاده بأن له في الفعل جلب منفعة، أو دفع مضرة، والذي يؤدي إليهما كالطاعات»، فإنها وإن كانت شاقة متعبة في الحال، فإنها تسمى منفعة؛ لأنها تؤدي إلى المنفعة التي لابد منها، والشيء قد يُسمى باسم ما يؤدي إليه، قال تعالى: {قال أحدهماإِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً}⁣[يوسف: ٣٦] فسمى العصير خمراً، لما كان يؤدي إلى الخمر.

  والمضرة: «هي الألم والغم وما يؤدي إليهما».

  بدليل أنه لا يجوز أن يثبت بأحد اللفظين وينفى بالآخر، فلا يجوز أن يقال: تضررت بهذا الفعل، وما تألمت به ولا اغتممت، ولا يقال: تألمت به واغتممت، وما تضررت، بل يُعد من قال ذلك مناقضاً لكلامه.

  والألم: «هو المعنى المدرك بمحل الحياة فيه مع اقتران النفرة منه».