الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة،

أحمد بن الحسن الرصاص (المتوفى: 621 هـ)

(2) المسألة الثانية عشر في أفعال العباد

صفحة 125 - الجزء 1

  -

  وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

  أحدهما: أنه يحسن دخول الأمر عليها والنهي، ويتعلق بها المدح والذم.

  والثاني: أنها لو كانت من الله تعالى، لما حسن منها شيء من ذلك.

  ١ - فالذي يدل على الأول: ما نعلمه ضرورة من حسن أمر الناس بعضهم بعضاً، بكثير من هذه الأفعال كالقيام والقعود، وما جرى مجراهما، ونهيهم عنه ومدحهم أو ذمهم عليه، والعلم بوقوع ذلك، وحسنه حاصل لكل عاقل.

  ٢ - والذي يدل على الثاني: أنها لو كانت من الله تعالى؛ لجرت مجرى الصور والألوان، فكما لم يحسن تعلق هذه الأحكام من أمر ونهي، ومدح وذم بالصور والألوان، فكذلك كان يجب في أفعال العباد لو كانت من الله.

  فلما علمنا الفرق بين الأفعال وبين الصور والألوان، دل ذلك على أن أفعال العباد منهم، لا من الله تعالى.

  - دليل آخر: وهو أن أفعال العباد لو كانت من الله تعالى لوجب أن يشتق له منها اسم، فيسمى بفعله للظلم ظالماً، وبفعله للجور جائراً، كما أنه لما كان فاعلاً للعدل والإحسان سمي عادلاً ومحسناً.

  ولا شك أن من وصف الله تعالى بالظلم والجور، فقد خرج عن دائرة الإسلام والمسلمين، ودخل في زمرة الملحدين، فبطل إضافتهما إلى الله سبحانه وتعالى.

  وأما ما يتعلق به أهل الكسب، فهو تعلق فارغ لا فائدة تحته، وإنما غرضهم