الجزء الثالث
  هكذا قال الهمداني في شرح الأرجوزة:
  صنعاء جادتك السحاب السود ... بمكفهر ودقة مهدود
  أرض بها لي الوطن المعكود ... إخوان صدق سادة شهود
  أفعالهم سعي الندى والجود ... فهم بها شمّ سراة صيد
  ناديهم مجلسها المشهود ... بحيث أولي البرد المعدود
  ثاو طوال الدهر لا يبيد ... يسأل عنه الوالد المولود
  مهدود: أي مهتوت منهزم، وكذلك عارض منهزم ورعد هزيم.
  قال الأعشى: (فحان بهم جارف منهزم).
  إن رابها من حدث الزمان ... ريب عدو حرب الأضغان
  قام فحامى دونها حيان ... قحطان والأحرار من ساسان
  قبيلتا صدق إذا ما الجاني ... أشعل نار الحرب بالإعلان
  كانوا كغاب الأسد من خفان ... ظلت بها غير مظل الواني
  قرير عين بصلاح الشان ... في فتية مثل القنا المران
  انتهى ما يتعلق بصنعاء من أرجوزة الرداعي |.
  وقال الهمداني في صفة الجزيرة: مدينة صنعاء هي أم اليمن وقطبها لأنها في الوسط فيها، ما بينها وبين عدن كمثل ما بينها وبين حد اليمن من أرض نجد والحجاز، وكان اسمها في الجاهلية «أزال» وتقول العرب:
  «لا بد من صنعاء وإن طال السفر»
  وينسب إلى صنعاء صنعاني مثل بهراء وبهراني لأنهم رأوا النون أخف من الواو وخولان لا تنسب إليها إلا على بنية الأصل صنعاوي، وكلهم يقول في ساكن الكدراء كدراوي ولا يقولون كدراني.
  وصنعاء أقدم مدن الأرض لأن سام بن نوح الذي أسّها، وقد جمعت أخبارها في القديم في كتاب الإكليل وضربنا عن ذكر قديمها في هذا الموضع صفحا.